ساق البامبو تعد من أروع ما قرأت هذا العام إن لم تكن أروعها
فعلا ، عند بدايتى معها استطاع الرائع الشاب سعود السنعوسى أن يقنعنى تماما
بأن الرواية حقيقية ومترجمة عن بطلها هوزية أو عيسى ليجعلنى ولأول مرة أن
أبدأ الشك فى أمر أن الكاتب والقارئ يلعبان لعبة ما ؛ فالكاتب يحاول أن
يقنعنا فى ما يكتب من سطور بأنها أحداث حقيقية والقارئ يوهمه بأنه صدق ما
يريد أن يقنعه بها ،، هنا اقتنعت تماما إنها احداث حقيقية ولم تكن عملا
أدبيا يناقش العديد من القضايا فى المجتمع الشرقى وبعض العادات التى تجعلنا
نفقد إنسانيتنا شئ فشيئا إذا ما اتبعناها بكل جمودها القكرى الذى لا يقبل
التغير والتقدم ...
استهل الكاتب بداية روايته باقتباس رائع للغاية ــ لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد ــ فى البداية لم أفهم الغرض من ذلك الاقتباس لتظهر خطوط سبب اختياره دون غيره فى البداية أهو يعبر عن التقاليد بكل جمودها وما يواجهها من جمود فكرى واستسلام منقطع النظير للعديد منها بالرغم من خطأها فتستعبد هؤلاء الذين يستسلمون لها ، ربما هى دعوة لمحاولة تطويع البعض من العادات والتقاليد التى يمكن أن تقبل التطويع وإن تلك العملية لا تفقد الثقافة العربية شيئا من هويتها بل ستجعله يحتفظ بأكثر شئ يجب أن تتسم به من عادة وتقاليد وهى العدل دائما وأبدا عندما نبدأ فى تطويعها لأن هناك العديد منها يظلم الكثيرين فى البلد مثلهم مثل البدون ، مثلهم مثل هوزيه ، مثلهم مثل أطفال الشوراع واللقطاء فى معظم البلدان العربية ، مثلهم مثل نظرة المجتمع لشريحة ما ليس لها دخل فى ما آلت إليه الأمور معهم سوى إنهم خلقوا ونشأو فى تلك الفئة . هنا اقتبس عنه ــ تتحول الفتيات هنا إلى مناديل ورقية يتمخض فيها الرجال الغرباء ، يرمونها أرضا يرحلون عنها ثم تنبت أبناء مجهولى الأباء ــ كم أنت رائع فى تشبيهك .
سأبدا الحديث مع أيدا : فكم من أيدا تجبرها ظروفها الحياتية أن تسلك نفس ما سلكته ، ربما كان هنا من كان خلف اختيار ذلك المسلك هو والدها وعدم تقيده بشئ من تعاليم الكتب السماوية وثقافة بلد مختلف ربما هذا لم يكن عيبا ، وهناك من يكون الدافع لها هو فكرة الهروب من تسلط وطريقة تعامل العائلة معها تبحث عن الاستقلال والحرية فتبدأ فى أختيار أول طريق يمكنها من الحرية حتى وإن كان ثمن الاستقلال والهروب هو ان يصبح لها ثمنا بخسا وإن علت قيمته مع الأيام وأقتبس منه فالألم ليس أن يكون للإنسان ثمنا بخسا بل الألم كل الألم أن يكون للإنسان ثمنا ،،، لتعلن فيما بعد التمرد والعصيان على تلك الحياة التى دخلتها رغم أنفها لتعيل أفراد العائلة وكانت النتيجة إضافة فردا جديدا لها ميرلا التى اكتسبت تمرد والدتها فلم يستطع مندوزا طوال الأحداث أن يطلب منها شيئا مثلما يطلب من هوزيه .
جوزافين : إيمان منقطع النظير ـ كل شئ يحدث بسبب ،،، ولسبب ـ كم أنت رائعة يا جوزفين فى هذا الإيمان الذى لم يتزحزح يوما مع كل ما مررت به من عقبات بدأت عندما كادت أن تكون نسخة طبق الأصل من أيدا حتى دخول الجار مع صك الإفراج من هذا السجن الذى يظل الإنسان حبيسا لآلامه ما دام فى الجسد حياة ،،، لتبدأ رحلتها فى بلد الغريب لا تعرف عنه شيئا سوى ترك حلمها فى أن تكمل تعليمها لتعمل خادمة فى بيت عائلة عربية لتجد هناك حلما أخر بدأ نوره فى الظهور على استحياء حب راشد الطاروف وإعجابها بفكره ومحاولة اقتناص الفرص دائما لتتواجد معه فى المكتب وتستمتع بما يحدثها من أمور ثقافية وعن أفكاره التى ابهرتها ، ليتم فيما بعد الارتباط والزواج ، وهنا تساؤل هل محاولتها الدائمة لتذكير هوزيه أو عيسى بأنه من أصول عربية بل أنه مواطن عربى تنتظره جنة عدن فى بلاد ابيه وعدم محاولة تعميده أو قبولها حضور مراسمه مع أيدا لأنه فى النهاية سيكون مسلما حين يعود إلى بلاد أبيه هو محاولة منها فى انتشاله من الفقر المدقع فى بلادها أم الدافع هو حبها لراشد الطاروف .....؟ لم تدافع دوما عن راشد كلما تحدثت أيدا عن شأن كل الرجال وتهاجهم فراشد ليس منهم ؟ كيف ما زال هناك حب برغم تخليه عنها .... ؟ إنه إيمانها بأنه كل شئ يحدث بسبب ولسبب وكيف تلومه على فعل وخلفه شعب كامل بكل تقاليده وعاداته يؤيده ويسانده .... ؟.
راشد الطاروف : حاول أن يخالف مجمتعه مثله مثل الكثيرون ممن يتزوجون من أجانب فى بلاد الخليج ولكنه لم يجد هناك من يسانده فى محاولة كسر جمود تلك التقاليد فهناك مجتمع يؤيده ويسانده بكل قوة إذا ما حافظ على جمودها وبقائها الذى يحمل فى طياته الكثير من الظلم والجور على العديد من أبنائها ، وإذا ما حاول أن يكسرها أو يعريها أمام الزمن ليظهر مدى ضعفها يجد المجتمع بأكمله يحاربه وقد حاول فى مرتين ولكنه كل مرة خسر حلما وحبا وفى احدهما خسر ولدا ولم يراه سوى القليل من الأيام ...
غنيمة : إنها الجدة المتشبثة بالعادات والتقاليد التى ظلمتها وظلمت الكثيرين من أفراد أسرتها فقد ظلمت بها راشد ثلاث مرات مرتين عندما جعلته يتخلى عن حبه وأخر عندما جعلته يتخلى عن ولده ، وظلمت من بعده أخته هند الطاروف عندما لم توافق على زواجها من غسان بسبب التقاليد أيضا ،، عندما حرمت نفسها من حفيدها بدعوى إنه ابن فليبينة ولا يجوز الاعتراف به احتراما للتقاليد وتقديسا لها فى محراب الظلم ، رغم إنها شعرت بقليل من الحنان عندما اخذه إليها والده ربما يرق قلبها إلى ثلاثتهما وتغفر له ولجوزافين عند رؤيته ولكنها أمرته أن يخرج من الباب الخلفى وعدم قدومه مرة أخرى عند قدوم خطاب أخته لزيارتهما ؛ إيمانها بحسن الطالع والفال الحسن والسئ أما زال يوجد مثل تلك الأفكار ؛ لتظلم مرة أخرى هوزيه أو عيسى فى الكبر مثلما فعلتها معه سابقا وحرمته من أبيه لتحرمه من أخته والبقاء فى العائلة ، لتخسره وتخرجه ثانية كالمنبوذ براتب شهرى تعطيه له عندما وافقت على خدمته لأحد الجيران فى أيام العيد وثورته عليها وعلى التقاليد التى تؤمن بها وتركه لجنة عدن التى جعلتها أمه حلما له منذ الصغر ، هل رأت من عيسى ما يتسوجب تلك المعاملة وعزلته فى البيت خوفا من أن يعرف به أزواج أبنتيها . إنها التقاليد التى لا تعتبر سوى مرض يقتل بداخلنا كل ما هو جميل يقتل الأحلام يقتلنا نحن فيجعلنا أموات أحياء أو أحياء أموات فما الفرق بينهما ؟ ..
غسان ووليد : وليد لم تدم رحلته معنا طويلا ولكننى أحببته فى ظهوره القليل المجنون ، أما عن غسان وقضية البدون وجزء أخر من التصفية والتفرقة بين طبقات الشعب التى تعذب أفراده فما ذنبه كى يعيش وحيدا حلمه مهدورا على عتبة التقاليد ، ليرفض من بعدها الاستقرار والزواج فبأى حق له يأتى بأطفال إلى عالم ينبذهم هم أيضا بلا ذنب فكل ذنبهم أنهم ينتمون لتلك الفئة وكفى ،،، ألا يكفى ما حدث له فى حياته .
خولة الطاروف : حبها وشغفها بالقراءة ورثته عن والدها ،، كانت هى السبب الأول والأخير فى أن تقبل ماما غنيمة دخول عيسى إلى البيت بعد محاولات فى النهاية كان النجاح هو مصيرها فقد فعلت ما لم يستطع والدها أن يفعله منذ زمن ،، يا إلهى ماذا لو كانت هى موجودة فى ذلك الحين هل حينها كانت الحكاية ستتغير ، وما فعلته لعيسى ومساندتها له فى كل الأوقات ، يا ترى لم هى خالفت التقاليد وخاطرت بأسم العائلة فى مجمتعها كى تجتمع بأخيها عيسى ، سأقتبس هنا ماذا لو كانت خولة ذكرا ولم تكن بنتا واستعطف ماما غنيمة هل كانت ستقبل بشفاعته لأخيه .... ؟ هل السبب فى رضوخ ماما غنيمة لتلك الشفاعة هو موت راشد الطاروف ولم يترك وريثا شرعيا يحمل أسم العائلة سواها فهنا يجب مخالفة التقاليد لتظل أسم العائلة أم أن التقاليد ستسحقها وتحذفها من الفئة التى تنتمى إليها . كلها مجرد اسئلة يمكن أن يتم تطويعها لتناسب تقاليد كل بلد ما زالت تتمسك بالجمود .
هند الطاروف : تعمل فى مجال الحقوقيات وتدافع عن فئات المجتمع الكويتى ضد تقاليده التى ظلمت
الكثيرين وهى كانت أول الضحايا ،، إنها قضية البدون التى تعد من أكبر المشكلات فى المجمتع الكويتى ، مشكلة الطبقات والتى تعد من أكبر مشكلات المجتمعات العربية بصفة عامة ، سؤال لو لم تكن هى أحد ضحايا تلك التقاليد هل سوف كانت تتجه لهذا المجال والدفاع عن طبقات المجتمع ..؟
عواطف ونورية : حضورهم قليل ولكنه يمكن أن يعبر عن النزاع النفسى الذى قد يفتعل داخل الإنسان عند مواجهة التقاليد عند الوقوف عن الحلال والحرام ،،، هذا أقل ما يمكن وصفهم به .
نأتى مع بطل الرواية : إنه قدرى أن أبحث عن أسم ودين ووطن ـ يا لها من متاهة لا نهاية لها ومن منا ليس بعيسى أو هوزيه فبالرغم من إننا نعرف لنا أسما محددا لكننا نبحث عن أخر يمكننا من الحياة فى ظل ما تفرضه علينا الحياة والأنظمة الساسية فى بلداننا من عقبات ، نحبث عن شئ يعطينا هويتنا أكثر من مجرد أسم نحمله ، رغم من إننا ننتمى إلى دين محدد منا من ينتمى إلى الإسلام وأخر ينتمى إلى المسيحية وأخر لليهودية وتتعدد الاديان ولكن هل كل منا يعرف دينه بطريقة صحيحة فى ظل ما نراه من تضليل من خلال مجموعة تتحدث بأسم الدين بطريقة متشددة ربما تكون سلاحا ضارا لنهرب من ديانتنا بعيدا عن فكرهم نبحث عن تعاليم الدين الحقة التى تنادى بها الأديان السماوية التسامح والعدل ومراعاة الله فى الرعية ، نبحث عن دينا أخر لنكمل بيه الإيمان بدايانتنا الأساسية نبحث عن عادات وتقاليد لا تظلم أحد ، نبحث ‘ عن أخلاق غير التى نعرفها نحبث عن الصدق ونهرب من الكذب والنفاق ، فأن تولد على ديانة ما شئ وأن تؤمن بكل شئ فيها شئ أخر تماما ،، من منا لم يبحث عن وطنا اخر داخل وطنه الذى هضمت الأنظمة السياسية حقوق شعوبها ، وهضم الغنى حقوق الفقير ، نهرب من اوطان تقتل احلامنا وتغتالها إلى أحلام تكمنها من الحياة ، نبحث عن أوطان نحيا فيها ونشعر بها لأول مرة بإنسانيتنا ولكن أنى لنا العثور على تلك الأوطان فى حياتنا وبرغم كل هذا نظل مغرمين بها عشقا حتى الموت فهى دائما ملاذنا الآمن فى كل الأوقات مثل حضن الام الذى يبث الحنان والحب على اطفالها ،، من منا لم يعذب عذابك يا عيسى .
خطأ غير مقصود ينغص الحياة دائما عندما نتذكره عندما أخطأ فى حق أخيه ولم يرعاه كما ينبغى ولكن كيف يرعاه وهو أيضا بحاجة إلى الرعاية ،، فأرتاح أخيه من عقاب الدنيا وعذابها فلا يهمه من شيئا وأيضا من عذاب الأخرة فهو ما زال صفحة بيضاء لم تلوث بعد ولن تتلوث بعبث الأخرين به أو بعبثه عند الكبر فيذهب إلى جنان الخلد فعلى أى شئ يكون حسابه ولكنه يترك الألم لكل أفراد عائلته عند رؤيته ؛ رحلته فى بلاد أبيه لا تأخذ منحنى بعيد عن متاهته وبحثه عن أسم له أو دين أو وطن ،، وما وضعته تقاليدها أمامه فى الحياة من عقبات هناك التى تحدثنا عنها عند أبيه وماما غنيمة وبقية أفراد العائلة ....
ميندوزا وتشانغ : هل يجب أن نشعر بالشفقة على ميندوزا وافعاله تخبرنا عكس ذلك عندما أرتضى أن يقبض ثمنا بخسا لأيدا وكاد أن يفعلها مرة أخرى مع جوزفين ، مقامراته بالديوك التى تأخذ كل الأموال فى سبيلها وتركت العائلة فى حالتها المادية الصعبة ،، أم يمكن تبرريها بالحالة التى عاد إليها من الحرب فى فيتنام ، وتشانغ فارقت الحياة بعد فراق من كانت لأجله كانت تحيا لتطمئن عليه قبل رحيلها ..... يا لها من رحلة رائعة بصحبة الرواية ...
أخيرا لو أردت أن أتحدث فى الرواية أكثر من ذلك ربما تحتاج لمجلدات لأفرز مدى روعتها أبدعت أيها الرائع فى وصفك لكل شئ حتى عايشتنا لحظاتها نبكى ونمرح مع عيسى ، هوزيه ، جوزيه ، خوزيه كلها مسميات تبحث لها عن هوية عن وطن عن دين .....
قراءة
Elgharieb
استهل الكاتب بداية روايته باقتباس رائع للغاية ــ لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد ــ فى البداية لم أفهم الغرض من ذلك الاقتباس لتظهر خطوط سبب اختياره دون غيره فى البداية أهو يعبر عن التقاليد بكل جمودها وما يواجهها من جمود فكرى واستسلام منقطع النظير للعديد منها بالرغم من خطأها فتستعبد هؤلاء الذين يستسلمون لها ، ربما هى دعوة لمحاولة تطويع البعض من العادات والتقاليد التى يمكن أن تقبل التطويع وإن تلك العملية لا تفقد الثقافة العربية شيئا من هويتها بل ستجعله يحتفظ بأكثر شئ يجب أن تتسم به من عادة وتقاليد وهى العدل دائما وأبدا عندما نبدأ فى تطويعها لأن هناك العديد منها يظلم الكثيرين فى البلد مثلهم مثل البدون ، مثلهم مثل هوزيه ، مثلهم مثل أطفال الشوراع واللقطاء فى معظم البلدان العربية ، مثلهم مثل نظرة المجتمع لشريحة ما ليس لها دخل فى ما آلت إليه الأمور معهم سوى إنهم خلقوا ونشأو فى تلك الفئة . هنا اقتبس عنه ــ تتحول الفتيات هنا إلى مناديل ورقية يتمخض فيها الرجال الغرباء ، يرمونها أرضا يرحلون عنها ثم تنبت أبناء مجهولى الأباء ــ كم أنت رائع فى تشبيهك .
سأبدا الحديث مع أيدا : فكم من أيدا تجبرها ظروفها الحياتية أن تسلك نفس ما سلكته ، ربما كان هنا من كان خلف اختيار ذلك المسلك هو والدها وعدم تقيده بشئ من تعاليم الكتب السماوية وثقافة بلد مختلف ربما هذا لم يكن عيبا ، وهناك من يكون الدافع لها هو فكرة الهروب من تسلط وطريقة تعامل العائلة معها تبحث عن الاستقلال والحرية فتبدأ فى أختيار أول طريق يمكنها من الحرية حتى وإن كان ثمن الاستقلال والهروب هو ان يصبح لها ثمنا بخسا وإن علت قيمته مع الأيام وأقتبس منه فالألم ليس أن يكون للإنسان ثمنا بخسا بل الألم كل الألم أن يكون للإنسان ثمنا ،،، لتعلن فيما بعد التمرد والعصيان على تلك الحياة التى دخلتها رغم أنفها لتعيل أفراد العائلة وكانت النتيجة إضافة فردا جديدا لها ميرلا التى اكتسبت تمرد والدتها فلم يستطع مندوزا طوال الأحداث أن يطلب منها شيئا مثلما يطلب من هوزيه .
جوزافين : إيمان منقطع النظير ـ كل شئ يحدث بسبب ،،، ولسبب ـ كم أنت رائعة يا جوزفين فى هذا الإيمان الذى لم يتزحزح يوما مع كل ما مررت به من عقبات بدأت عندما كادت أن تكون نسخة طبق الأصل من أيدا حتى دخول الجار مع صك الإفراج من هذا السجن الذى يظل الإنسان حبيسا لآلامه ما دام فى الجسد حياة ،،، لتبدأ رحلتها فى بلد الغريب لا تعرف عنه شيئا سوى ترك حلمها فى أن تكمل تعليمها لتعمل خادمة فى بيت عائلة عربية لتجد هناك حلما أخر بدأ نوره فى الظهور على استحياء حب راشد الطاروف وإعجابها بفكره ومحاولة اقتناص الفرص دائما لتتواجد معه فى المكتب وتستمتع بما يحدثها من أمور ثقافية وعن أفكاره التى ابهرتها ، ليتم فيما بعد الارتباط والزواج ، وهنا تساؤل هل محاولتها الدائمة لتذكير هوزيه أو عيسى بأنه من أصول عربية بل أنه مواطن عربى تنتظره جنة عدن فى بلاد ابيه وعدم محاولة تعميده أو قبولها حضور مراسمه مع أيدا لأنه فى النهاية سيكون مسلما حين يعود إلى بلاد أبيه هو محاولة منها فى انتشاله من الفقر المدقع فى بلادها أم الدافع هو حبها لراشد الطاروف .....؟ لم تدافع دوما عن راشد كلما تحدثت أيدا عن شأن كل الرجال وتهاجهم فراشد ليس منهم ؟ كيف ما زال هناك حب برغم تخليه عنها .... ؟ إنه إيمانها بأنه كل شئ يحدث بسبب ولسبب وكيف تلومه على فعل وخلفه شعب كامل بكل تقاليده وعاداته يؤيده ويسانده .... ؟.
راشد الطاروف : حاول أن يخالف مجمتعه مثله مثل الكثيرون ممن يتزوجون من أجانب فى بلاد الخليج ولكنه لم يجد هناك من يسانده فى محاولة كسر جمود تلك التقاليد فهناك مجتمع يؤيده ويسانده بكل قوة إذا ما حافظ على جمودها وبقائها الذى يحمل فى طياته الكثير من الظلم والجور على العديد من أبنائها ، وإذا ما حاول أن يكسرها أو يعريها أمام الزمن ليظهر مدى ضعفها يجد المجتمع بأكمله يحاربه وقد حاول فى مرتين ولكنه كل مرة خسر حلما وحبا وفى احدهما خسر ولدا ولم يراه سوى القليل من الأيام ...
غنيمة : إنها الجدة المتشبثة بالعادات والتقاليد التى ظلمتها وظلمت الكثيرين من أفراد أسرتها فقد ظلمت بها راشد ثلاث مرات مرتين عندما جعلته يتخلى عن حبه وأخر عندما جعلته يتخلى عن ولده ، وظلمت من بعده أخته هند الطاروف عندما لم توافق على زواجها من غسان بسبب التقاليد أيضا ،، عندما حرمت نفسها من حفيدها بدعوى إنه ابن فليبينة ولا يجوز الاعتراف به احتراما للتقاليد وتقديسا لها فى محراب الظلم ، رغم إنها شعرت بقليل من الحنان عندما اخذه إليها والده ربما يرق قلبها إلى ثلاثتهما وتغفر له ولجوزافين عند رؤيته ولكنها أمرته أن يخرج من الباب الخلفى وعدم قدومه مرة أخرى عند قدوم خطاب أخته لزيارتهما ؛ إيمانها بحسن الطالع والفال الحسن والسئ أما زال يوجد مثل تلك الأفكار ؛ لتظلم مرة أخرى هوزيه أو عيسى فى الكبر مثلما فعلتها معه سابقا وحرمته من أبيه لتحرمه من أخته والبقاء فى العائلة ، لتخسره وتخرجه ثانية كالمنبوذ براتب شهرى تعطيه له عندما وافقت على خدمته لأحد الجيران فى أيام العيد وثورته عليها وعلى التقاليد التى تؤمن بها وتركه لجنة عدن التى جعلتها أمه حلما له منذ الصغر ، هل رأت من عيسى ما يتسوجب تلك المعاملة وعزلته فى البيت خوفا من أن يعرف به أزواج أبنتيها . إنها التقاليد التى لا تعتبر سوى مرض يقتل بداخلنا كل ما هو جميل يقتل الأحلام يقتلنا نحن فيجعلنا أموات أحياء أو أحياء أموات فما الفرق بينهما ؟ ..
غسان ووليد : وليد لم تدم رحلته معنا طويلا ولكننى أحببته فى ظهوره القليل المجنون ، أما عن غسان وقضية البدون وجزء أخر من التصفية والتفرقة بين طبقات الشعب التى تعذب أفراده فما ذنبه كى يعيش وحيدا حلمه مهدورا على عتبة التقاليد ، ليرفض من بعدها الاستقرار والزواج فبأى حق له يأتى بأطفال إلى عالم ينبذهم هم أيضا بلا ذنب فكل ذنبهم أنهم ينتمون لتلك الفئة وكفى ،،، ألا يكفى ما حدث له فى حياته .
خولة الطاروف : حبها وشغفها بالقراءة ورثته عن والدها ،، كانت هى السبب الأول والأخير فى أن تقبل ماما غنيمة دخول عيسى إلى البيت بعد محاولات فى النهاية كان النجاح هو مصيرها فقد فعلت ما لم يستطع والدها أن يفعله منذ زمن ،، يا إلهى ماذا لو كانت هى موجودة فى ذلك الحين هل حينها كانت الحكاية ستتغير ، وما فعلته لعيسى ومساندتها له فى كل الأوقات ، يا ترى لم هى خالفت التقاليد وخاطرت بأسم العائلة فى مجمتعها كى تجتمع بأخيها عيسى ، سأقتبس هنا ماذا لو كانت خولة ذكرا ولم تكن بنتا واستعطف ماما غنيمة هل كانت ستقبل بشفاعته لأخيه .... ؟ هل السبب فى رضوخ ماما غنيمة لتلك الشفاعة هو موت راشد الطاروف ولم يترك وريثا شرعيا يحمل أسم العائلة سواها فهنا يجب مخالفة التقاليد لتظل أسم العائلة أم أن التقاليد ستسحقها وتحذفها من الفئة التى تنتمى إليها . كلها مجرد اسئلة يمكن أن يتم تطويعها لتناسب تقاليد كل بلد ما زالت تتمسك بالجمود .
هند الطاروف : تعمل فى مجال الحقوقيات وتدافع عن فئات المجتمع الكويتى ضد تقاليده التى ظلمت
الكثيرين وهى كانت أول الضحايا ،، إنها قضية البدون التى تعد من أكبر المشكلات فى المجمتع الكويتى ، مشكلة الطبقات والتى تعد من أكبر مشكلات المجتمعات العربية بصفة عامة ، سؤال لو لم تكن هى أحد ضحايا تلك التقاليد هل سوف كانت تتجه لهذا المجال والدفاع عن طبقات المجتمع ..؟
عواطف ونورية : حضورهم قليل ولكنه يمكن أن يعبر عن النزاع النفسى الذى قد يفتعل داخل الإنسان عند مواجهة التقاليد عند الوقوف عن الحلال والحرام ،،، هذا أقل ما يمكن وصفهم به .
نأتى مع بطل الرواية : إنه قدرى أن أبحث عن أسم ودين ووطن ـ يا لها من متاهة لا نهاية لها ومن منا ليس بعيسى أو هوزيه فبالرغم من إننا نعرف لنا أسما محددا لكننا نبحث عن أخر يمكننا من الحياة فى ظل ما تفرضه علينا الحياة والأنظمة الساسية فى بلداننا من عقبات ، نحبث عن شئ يعطينا هويتنا أكثر من مجرد أسم نحمله ، رغم من إننا ننتمى إلى دين محدد منا من ينتمى إلى الإسلام وأخر ينتمى إلى المسيحية وأخر لليهودية وتتعدد الاديان ولكن هل كل منا يعرف دينه بطريقة صحيحة فى ظل ما نراه من تضليل من خلال مجموعة تتحدث بأسم الدين بطريقة متشددة ربما تكون سلاحا ضارا لنهرب من ديانتنا بعيدا عن فكرهم نبحث عن تعاليم الدين الحقة التى تنادى بها الأديان السماوية التسامح والعدل ومراعاة الله فى الرعية ، نبحث عن دينا أخر لنكمل بيه الإيمان بدايانتنا الأساسية نبحث عن عادات وتقاليد لا تظلم أحد ، نبحث ‘ عن أخلاق غير التى نعرفها نحبث عن الصدق ونهرب من الكذب والنفاق ، فأن تولد على ديانة ما شئ وأن تؤمن بكل شئ فيها شئ أخر تماما ،، من منا لم يبحث عن وطنا اخر داخل وطنه الذى هضمت الأنظمة السياسية حقوق شعوبها ، وهضم الغنى حقوق الفقير ، نهرب من اوطان تقتل احلامنا وتغتالها إلى أحلام تكمنها من الحياة ، نبحث عن أوطان نحيا فيها ونشعر بها لأول مرة بإنسانيتنا ولكن أنى لنا العثور على تلك الأوطان فى حياتنا وبرغم كل هذا نظل مغرمين بها عشقا حتى الموت فهى دائما ملاذنا الآمن فى كل الأوقات مثل حضن الام الذى يبث الحنان والحب على اطفالها ،، من منا لم يعذب عذابك يا عيسى .
خطأ غير مقصود ينغص الحياة دائما عندما نتذكره عندما أخطأ فى حق أخيه ولم يرعاه كما ينبغى ولكن كيف يرعاه وهو أيضا بحاجة إلى الرعاية ،، فأرتاح أخيه من عقاب الدنيا وعذابها فلا يهمه من شيئا وأيضا من عذاب الأخرة فهو ما زال صفحة بيضاء لم تلوث بعد ولن تتلوث بعبث الأخرين به أو بعبثه عند الكبر فيذهب إلى جنان الخلد فعلى أى شئ يكون حسابه ولكنه يترك الألم لكل أفراد عائلته عند رؤيته ؛ رحلته فى بلاد أبيه لا تأخذ منحنى بعيد عن متاهته وبحثه عن أسم له أو دين أو وطن ،، وما وضعته تقاليدها أمامه فى الحياة من عقبات هناك التى تحدثنا عنها عند أبيه وماما غنيمة وبقية أفراد العائلة ....
ميندوزا وتشانغ : هل يجب أن نشعر بالشفقة على ميندوزا وافعاله تخبرنا عكس ذلك عندما أرتضى أن يقبض ثمنا بخسا لأيدا وكاد أن يفعلها مرة أخرى مع جوزفين ، مقامراته بالديوك التى تأخذ كل الأموال فى سبيلها وتركت العائلة فى حالتها المادية الصعبة ،، أم يمكن تبرريها بالحالة التى عاد إليها من الحرب فى فيتنام ، وتشانغ فارقت الحياة بعد فراق من كانت لأجله كانت تحيا لتطمئن عليه قبل رحيلها ..... يا لها من رحلة رائعة بصحبة الرواية ...
أخيرا لو أردت أن أتحدث فى الرواية أكثر من ذلك ربما تحتاج لمجلدات لأفرز مدى روعتها أبدعت أيها الرائع فى وصفك لكل شئ حتى عايشتنا لحظاتها نبكى ونمرح مع عيسى ، هوزيه ، جوزيه ، خوزيه كلها مسميات تبحث لها عن هوية عن وطن عن دين .....
قراءة
Elgharieb