أبواب المدونة

الأربعاء، 14 أغسطس 2013

رجم ثريا _ حوليات 2 _


لأول مرة منذ أن تعلمت القراءة وبدأت فى تجميع مكتبتى الخاصة بمختلف الكتابات أجد نفسى شارد الذهن مع اكبر كارثة على مر التاريخ يمكن أن أقرأ عنها فى الروايات والكتب ،، فعندما نتحدث عن الفاشية الدينية وإستخدام سلطة الدين وكلمة الله والتشريع الإسلامى السمح قناعا مزيفا يعد هو الأكثر بشاعة من بين الأقنعة التى يمكن أرتداؤها لتحقيق المصالح الشخصية فأسلوب الكاتب أكثر من رائع فى الراوية يجعلك تعيش كل تفاصيلها من حزن وكآبة قد تلحق بالقارئ نتيجة إبراز ذلك القناع البشع فكان كل ذنبها إن زوجها يريد الزواج بأخرى من أجل المال الذى سيخرجه من دائرة الفقر مستخدما ما يملك من سلاح فتاك عندما يتحدث به رجال الدين لشعب متخلف لا يعرف تعاليم دينه ، وترك نفسه لبعض من تجاره يتحكمون فى مصائرهم وعقولهم وقراراتهم ،، رواية تبعث الكآبة والحزن وكم هائل من الألم فى نفس القارئ خاصة من يعرف شئ قليل من تعاليم ذلك الدين السمح وعندما يقوم بمقارنة ذلك الحدث الرهيب الذى يكشف الوجه البشع لمن يريدون تطبيق أسس الشريعة بطريقتهم ولا يخافون الله فى دينه ،،،

ولكن ما يثير فى نفسى الجزء الأكبر من الألم موقف الأب من أبنته عندما ترك هؤلاء التجار يقررون مصيرها ويحكمون عليها بالفسق والزنا ومن ثم الجزاء كما كان فى العهود الأولى للإسلام ولم يفكر لحظة واحدة بأن هذه أبنته مجرد رجمه لها لا ينقيه من تلوث سمعتها بذلك الفعل الشنيع فى الثقافة الشرقية والإسلامية ألا وهو الزنا ،، وما يؤلم أكثر هو أنه من بدأ بعملية بالرجم ولكن قد خانته يديه فى كل تسديداته نحو فلذة كبده ولم يعطى لنفسه حتى الفرصة كى يدافع عنها بكل ما أؤتى من قوة وإن يذكرهم بالشريعة الحقة وكيف كان يتم هذا الأمر فى عهد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وعهد من تبعه من خلفاؤه الراشدين وإذا ما قمنا مقارنة حوادث الرجم فى العصور الأولى فلن نجدها تصل إلى أصغر نسبة يمكن حسابها بالنسبة لحوادث الرجم التى قد قدرتها المنظمات الحقوقية فى إيران على مدار خمسة عشر عام من ألف جريمة ترتكب فى حق الإنسانية وحق المرأة ،، وعندما تتعمق فى القصة وتحاول أن تعيش كل تفاصيلها تجد الكثير من الأسئلة تضرب بذهنك وتكاد أن تفتك به كيف قال  المدعو إبراهيم ( عمدة القرية ) المسئول عن تطبيق النظام بأن المرأة عندما يتهمها زوجها بهذه الجريمة فعليها هى من تبرأ نفسها ولا يجب لأحد أن يبحث عن برائتها ، ومن ناحية إخرى عندما هى تتهم زوجها بنفس الفعل عليها هى من تبرهن ما يصدق أقوايلها وإتهامها له بهذا الإتهام ؛ أهو هذا ما يقوله الشرع وترك الأمر مفتوح للرجل يتهم كيفما يشاء زوجته وبالتالى توقع عليها العقوبة الشريعة كما يظنون .

وأين شروط حد الرجم التى أتبعها هؤلاء عند الحكم الذى يستلزم أربعة شهود تتطابق اقوالهم فيما راؤوه ويروى ان الحشفة غائبة فى الفرج  ولذا حد الرجم من المستحيلات والروايتين فى الرجم فى عهد النبى اتت بالاعتراف وليس الشهود  ؛ فهكذا كان يقرر حد الرجم فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم .

وهذا المدعوا بهاشم أين كان ضميره الذى أخذ منه غفوة من الزمن كانت فيه النتيجة بأنه أتهم محصنة بفعل فاحش عقوبته فى الشريعة الإسلامية التى يحتكمون إليها هو الجلد ، وأين ذهب المعروف الذى فعلته له ثريا ولأبنه عندما قامت على خدمته هو وأبنه عندما ماتت زوجته فلأول مرة فى التاريخ اؤمن بأنه من الممكن أن يضيع المعروف إذا فعل فى من ليس أهلا لحفظه ، وجودها ببيته الذى كان هو السبب الرئيسى فى مآساتها كان بقرار من رجل الدين المدعو _ تاجر الدين _ المدعو بالملا ، يا إلهى إنها حقا فاجعة ليس لها مثيل فى تاريخ الإنسانية كلها ترتكب بأسم الدين ويتخذونه قناعا لها .

وفى البداية نجد كيف زرع ذلك الوالد  ـ عذرا فأنا هنا أقصد الشيطان ـ المدعو ب على الذى زرع الكره فى أطفاله الصيبة تجاه أمهم التى تعدهم الأم دوما هما درع الأمان لها فى الحياة ،، ونجد أحد الطفلين معذب بين شفقته على والدته وبين إرضاءه لوالده ونجده طوال الرواية صامت حتى عند الرجم كان يجاهد نفسه بألا يفعل ذلك بمن منحته الحياة يوما وعانت من أجله أصعب الآلام التى خلقت على وجه الأرض عند ولادته ، وحق الاخوة الإناث الذى لا يوجد فى العائلة وقد رحلت عنهم من كان يبث فى حياتهم الأمان لنتقلوا فيما بعد ليسكنوا مع خالتهم زهرة بعد حادثة مفجة تظل دائما تروادهم كوابيس فى حياتهم ، فما أصعب على الإنسان أن يجد أقرب الناس إليه مظلوما ولا يستطيع أن يرد عليهم ذلك الظلم ولكن ما عساهم أن يفعلوا وهم فى الأساس ليس لهم رأى فالمرأة فى ذلك المجتمع مهضوم حقها بين الرجال وأصبحت مجرد قطعة من قطع أثاث المنزل لا أكثر ولا أقل .

ونذهب مع زهرة البطلة الحقيقة للرواية التى حاولت بكل جهدها أن تقف فى وجه الطغاة وتجار الدين ولكن لم يسمع لها شخصا كلمة فكلهم معميون بكلمات الدين التى ألقاها على إذنهم ذلك التاجر الخس الذى أبخس الدين وتعاليمه حقا ،، لتسقط فى أرض تنفيذ الحكم فى رفض منها لتلك الجريمة ، وفى هذا المشهد نجد ثريا تتحدث معهم تطالبهم بالعفو فهم لا يروا عنها شيئا من هذا المثيل طوال حياتها معهم بقولها كيف تفعلون بى هذا وأنا حتى الأمس كنت جارتكم نتقاسم الطعام ، كيف تفعل هذا بأبنتك فى طلب ضيعف من والدها بالدفاع عنها ،، وأنا أمكم مستنجدة بأخر أمل لها وهم أطفالها الذين يقفون حائرون مثل الأخرين بين تنفيذ كلام الله وبين العاطفة التى تكاد أن تكون معدومة أساسا فمن البدأ لا أشعر بأنهم أولادها ،،، كيف وكيف وكيف ،،، ويدخل صدفة فى أرض توقيع العقوبة بعض المهرجين معتقدين بأن هذا سوق منعقد ليعرضوا ألعابهم ومن ثم يحصلون على القليل من المال ،، ليجدوا استنفارا من جميع الحضور ولا يسعهم شيئا سوى التفرج على الحدث من بعيد ،، وتنتهى عملية الرجم ويحرمون على  زهرة وبعض النسوة من القيام بإتمام عملية إكرام الميت وتركها فى العراء ليأتى هؤلاء الغرباء ليغظون ذلك الجسد البرئ الذى وقع ضحية لأبشع الأقنعة التى وجدت فى التاريخ ،، ومن ثم تأتى زهرة وبعض النسوة ــ أثناء احتفال أهل القرية ورجالها بعملية التطهير المزعومة وتلك الإبتسامه الباهتة التى أطلقها ذاك الشيطان عندما حصل على مبتغاه وتحرر من قيود النفقة على الزوجة الأولى ليذهب ويتزوج بأخرى ابتسامة النصر الزائف ليظهر الله كلمته فى النهاية ببراءة ذلك الجسد الذى تطهر من كل خطاياه بما فعله به تجار الدين عندما أعلنها هاشم صراحة أمام عمدة البلدة بأن على والملا قاموا بتهديده أن يجعلوا أبنه يتيما عندما عاد الشيطان مفلس اليدين فقد خسر ثفقته عندما نفذ حكم الإعدام فى والد الفتاة وخسر الزيجة التى خطط من أجلها تلك العملية ـ لياخذوا ذلك الجسد وتركه بجوار النهر لحين إتمام مراسم التكريم فى اليوم التالى فى غفلتهم ولكن عند عودتها ما وجدت سوى بقايا عظام بعد أن نهشت الذئاب وجعلت منه وليمة مسائية بأسم الدين ، ولجرأة زهرة التى ماتت كمدا بعد عامين من سردها للحكاية للكاتب الرائع الذى أخرج القصة بصورة اكثر من رائعة وهنا يكون التساؤل ألم يكن من الضرورى من العمدة الذى أجرى المحاكمة أن يقوم بتبرأة ثريا من ذلك الجرم الملفق لها وأن يقوم بمعاقبة كل من شارك فى تضليل الناس بأسم الدين أن يحكم على الملا وعلى وهاشم بنفس الأمر والرجم حتى الموت بدلا من أن يقف مكتوف الإيدي عندما سمع صراحة برائتها من الشاهد الوحيد فى القضية كما قام بتنفيذ الحكم عليها بناءا على أقواله .....

رواية رجم ثريا كارثة دينية بكل المقاييس لمن يستخدمون الدين قناعا لهم لتحقيق ما يريدون فكل ذنبها هو إرادة زوجها بأن يتزوج ثانية دون أن يتحمل نفقات الزوجة الأولى فأتهمها بالزنا وبمساعدة تجار الدين قاموا بالحكم عليها بالرجم دون الرجوع لتلك الأمثلة المشابهة أيام الرسول والخلفاء الراشدين ،،،،، يا إلهى كم هانت علينا تعاليم الدين وتعاليم رسولنا فتحطمت على ابواب عالمنا كل معان الإنسانية ,,,
رحمتك يا إلهى ......


Elgharieb

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق