أبواب المدونة

الخميس، 7 نوفمبر 2013

313 قراءة مبسطة ....



رحلة الألم ـ برمزية رائعة عن إحدى طرق العقاب أو التطهر ـ للتحرر من الخطيئة التى ربما لا نعرفها ، أو ربما قد اقترفناها فعلا ومن ثم الدخول فى مرحلة عدم تصديق بأننا قمنا بارتكابها وينكر العقل بكل ما أؤتى من قوة ولا يريد تصديق ذلك فينقلنا إلى عالم أخر لا نعيش فيه سوى الأحلام باحثين عن شئ يمكنه أن يكفر عن خطاينا فى حق الأخرين ،،،، وعندما يكون نتيجة الخطأ هذا هو فقدان أحد المقربين إلينا فتكون قوة العقل أكبر بكثير من قوة الحقيقة التى يرفض أن يراها ونبدأ ندخل معه دوامات لا متناهية من الصدمات كلما جاءت الحقيقة جرعة واحدة أو على عدة جرعات بطريقة خاطئة نوعا ما نعود مجددا إلى بداية الطريق ومرة أخرى إلى عالمنا الحالم بجوار من نحب وكنا السبب فى فقدانه ، بجوار أحلامنا المنسية ، بجوار آمالنا المحطمة ، نخلق شخصا جديدا يمكنه أن يصنع عالما لا يناسب أحد غيره فلا يقبل بوجود سوى القليل من الأشخاص الذين يملكون مفتاح الدخول إليه بإذن مسبق منا ...

إن تلك الكلمات تمكننى أن امنح نفسى الحق فى أن اعتبرها محور الأحداث فى الرواية مع جزئية القساة والسجانين موضحة فى الأسفل ،، فهذا هو أول تعامل لى مع الكاتب عمر الجندى ،، لأجد نفسى أمام عمل مجهد نوعا ما ، فمن البداية حتى النهاية تحاول أن تمسك خيطا واحدا يمكن أن يكون هو حل لغز كل أحداثها وفى كل مرة تظن إنك استطعت أن تصيب الهدف يقلب بك الأحداث لتعدل عن الفكرة التى تكونت لديك ،،، لتجد نفسك فى نهايتها بأن توقعاتك منذ البداية بها جزء كبير من الصحة .
وكعادتى كل مرة أقتنص بعض الصور من العمل ،،،،
لا يوجد أبدا ضحية ولكن سوء استخدامنا لما وهبنا الله هو ما يجعلنا ضحايا ( اتفق معك فى تلك الجزئية ولكن ألا يمكن ما يجعلنا ضحايا هو رغبتنا نحن فى أن نظل نمثل داخل الكواليس دور الضحية ونوهم أنفسنا بصحة تلك الكلمة ، إن ما يجعلنا ضحايا هو فكرة الاستسلام لمجموعة من الفزاعات التى نخلقها ونوهم أنفسنا بوجودها وبقوتها الساحقة وهى فى الحقيقة مجرد شئ ضعيف لا يوجد أجبن منه على وجه الأرض إن واجهناها بإرادة قوية ونترك شبح الخوف خلفنا او نقتله . ص62

لا عجز بدون ذل ( إنهما رفيقان حميمان عندما يعجز الإنسان عن قول الحقيقة ، عندما يعجر أن ينصر الضمير فى حربه الشرسة ضد أهواء النفس وملذاتها الواهية ، عندما يعجز أن يهزم الخوف أخطر عدو له فى الوجود ويترك له المجال ليتملكه فيصبح بعدها عبدا مسلوب الإرادة ينفذ كل ما يقال له دون تفكير أو تدبر فيكون عدم وجوده فى الحياة أفضل من بقاؤه فيها ؛ أما العجز العضوى إذا ما كان يرافقه قوة إرادة حقيقة فى جعل حياتنا أفضل حتى برفقته ، أن نحيله من مجرد عقبة فى طريقنا إلى درجة من درجات الصعود نحو القمة والنجاح فهنا يكون عجزا يرافقه قدرا كبير من العزة والكرامة والانتصار فى معركة فى ظاهرها لم تكن متكافئة الفرص لذوى النظرة المحدودة للأمور .

القساة والسجانين لا يمنحون أحدا حريته ( إن أسوأ أنواع السجون هى التى تكون خلف قناع زائف يزور الحقائق لعيون العامة فيشوه ما لا يتفق مع سياساته فينفرهم منه ، ويزين ما يكون فى صالحها فيقربهم منها ، والأسوأ هو أن نظل مسجونين داخل حقيقة واحدة وهى الخوف لأنه بداية كل الألم الذى بدأت رحلتك فى عملك هذا للتخلص منه ، فلو لم يكذب عقل ديفيد عليه واستطاع أن يتغلب عليه ورسم صورة خيانة زوجته لها مع صديقه المقرب ، وخوفه من ضياعها منه لتغيرت الاحداث تماما ، فلو لم يكن يمقت والده ووالدته فتولد بداخله نوعا أخر من السجانين وهو الكره والبغض لم وجد مرضه هذا بيئة خصبة ليحيا من خلالها ويتغذى على قواه ،، لو لم تكن تراوده صورة الشاب الذى قتله فى حرب العراق فما وجد الخوف طريقا له فى البداية ولم يبدأ رحلته مع الكوابيس التى استحالت فى النهاية إلى كابوس حقيقى جعل حلمه واقعا يهرب إليه ، وواقعه حلما يهرب منه ( تلك الجزئية اعتقد بإنها هى محور الاحداث ككل )

إن السعادة الحقيقية التى يمكن أن نمحنها لانفسنا هى ما نستطيع أن نرسم ملامحها على وجوه الأخرين

إن الشعور بالتيه والضياع يجعل الإنسان مسلوب الإرادة ، مسلوب التفكير ؛ فيتبع الآخرين دون تساؤل أملا فى أن يجد ملاذا آمنا أو سبيلا نحو النجاة من وحشه الكاسر .

كلما مر الزمان على الإنسان يمكنه من رؤية الأشياء من حوله بطريقة جيدة .

عندما تتهاوى المشكلات علينا واحدة تلو الأخرى تعيدنا مرة أخرى إلى طريقنا نحو الله مخلصنا ويعزز فكرة الإيمان بالقدر بداخلنا حينها نشعر بطعم الراحة الحقيقى من عناء الدنيا .

هذه بعض الصور التى تخبرنا بها الرواية بطريقة غير مباشرة أن نمعن النظر فيها ونتعلم منها كى لا نسمح لأى كان أن يشعرنا بالألم فى حياتنا ،،،،
أما عن الاقتباسات فحد ولا حرج واعجبنى جدا تلك الفصول التى لا تتعدى سطرا أو سطرين وكأنها تلخص كل ما سبقها فى تلك الكلمات البسيطة ،،،
وبالنسبة إلى من يقول بأن الفكرة مستلهكة وتم معالجتها اكثر من مرة فى الأفلام والروايات الأجنبية ،،، أيها السيدات والسادة فالفكرة نفسها ليست حكرا على أحد ولكنها تظل دائما هى نقطة الأنطلاق وتختلف معالجتها من شخصا إلى أخر وعلى سبيل المثال سأطلب من بعض من يجيدون الرسم التعبير بلوحة فنية عن الكوميديا الإلهية ،،، وأنظروا كيف تختلف المعالجة مع إن الجميع بدأ من نقطة واحدة . وهكذا الأمر بالنسبة لبقية الفنون والأدب ،،، .
ولم أكن أتمنى تلك النهاية ، وكان يستحق فرصة أخرى لأنه لو كان يدرى ماذا يفعل سابقا لم يكن ليقتل نفسه بيده لأن الحب الحقيقى فى حياة الإنسان هو الحياة ولا حياة سواه ، والدليل هو رفضه لفكرة قتله لها ولصديقه كل مرة ويجبر الأطباء أن يعيدوا نفس الخطوات أكثر من مرة كى يتقبل الأمر كما هو برغم مرارته